تحالف يتآكل تدريجيا.. الجزائر تقترب من واشنطن أكثر، وموسكو تبعث مجموعة "فاغنر" على الحدود الجزائرية
ظلت الجزائر لعقود طويلة تعتبر روسيا هي حلفيها الاستراتيجي، منذ حقبة الاتحاد السوفياتي، ولازالت موسكو إلى غاية العام الماضي هي المزود الأكبر والأول للجزائر بالأسلحة، حيث تعتمد الأخيرة على روسيا بنسبة تفوق 80 بالمائة في تشكيل ترسانتها العسكرية، وهو اعتماد يُتوقع أن يعرف تراجعا تدريجيا وفق ما تُظهر العديد من التطورات.
وحسب العديد من القراءات التحليلية للعلاقات الروسية الجزائرية، فإنه منذ فشل الجزائر في الانضمام إلى التكتل الاقتصادي "بريكس" الذي تقوده روسيا إلى جانب الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، بدأت العلاقات تعرف نوعا "التصدع"، حيث لم تتقبل الجزائر هذا الإخفاق بعدما كانت تُعول على حليفتها روسيا للضغط من أجل التحاقها بالتكتل.
وزاد امتعاض الجزائر بعدما صرح وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، معلقا على أسماء الدول التي تم قبولها العام الماضي للالتحاق بـ"البريكس" والتي لم تكن من ضمنها الجزائر، أن المعايير التي تم اتخاذها لقبول طلبات الانضمام، تتعلق بـ"وزن وهيبة الدولة ومواقفها في الساحة الدولية"، وهو ما اعتُبر كانتقاص من الجزائر في هذا التصريح.
ويرى ملاحظون دوليون أنه منذ هذا الاخفاق "الصادم" للجزائر، بدأت الأخيرة تُغير بوصلتها نحو الغرب بدل الشرق، ولوحظ بداية نوع من التقارب بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، حيث زار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون -لأول مرة منذ توليه رئاسة البلاد- الولايات المتحدة، من أجل المشاركة في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أن هذه الزيارة حسب العديد من الملاحظين كانت ذات رمزية تشير إلى بدء ميل الجزائر إلى واشنطن بعد خيبة الأمل التي تلقتها من موسكو في قضية "البريكس".
كما أعلنت الجزائر في الشهور الأخيرة، عن رغبتها في رفع من سبل التعاون مع الولايات المتحدة الامريكية، كما فتحت أبوابها في الأسابيع الأخيرة، لوفد من رجال الأعمال الأمريكيين من أجل زيارة البلد للاطلاع على الفرص التي تقدمها الجزائر من أجل الاستثمار، وهي خطوة تشير إلى انفتاح جزائري غير مسبوق أمام الاستثمارات الامريكية.
كما أن من التطورات التي تشير إلى وجود ما يُشبه "تصدع" في التحالف الجزائري الروسي، هو انزعاج الجزائر من تواجد مجموع "فاغنر" المقاتلة التابعة لروسيا في مالي، حيث يستعين بها النظام العسكري في مواجهة الجماعات المقاتلة داخل تراب مالي.
وحسب العديد من التقارير الإعلامية الدولية، فإن الجزائر لا ترغب في تواجد هذه المجموعة على تراب مالي، وخاصة في المناطق التي تقع على مقربة من الحدود الجزائرية، في حين أن موسكو تبدو وكأنها تبعث برسائل خفية إلى الجزائر بعد نشوء تقارب ظاهري بين الأخيرة والولايات المتحدة الأمريكية.
وتخشى الجزائر كثيرا من الاضطرابات التي قد تحدث في مالي، خاصة بعد إعلان النظام العسكري حل اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة، مما ينذر بتفجر الأوضاع في المنطقة، ولاسيما في تواجد مجموعة "فاغنر" في مالي، مما قد يهدد استقرار المناطق الحدودية الجزائرية.
وقد تؤدي هذه التطورات إلى تصادم بين الجزائر وروسيا بشأن الأوضاع في مالي، وقد يزيد ذلك من تعميق تآكل التحالف الذي كان يجمع لعقود طويلة بين الطرفين.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :